معنى الحب عند رسول الله
إبراهيم بن
محمد عليهما الصلاة و السلام
رجل عاش لأمته وأراد لها أن تعيش
من بعده ، مع سكون الليل وظلمته الحالكة
يقف ليصلي صلاة التائب الخاضع ،
يا محمد أليس الله قد غفر لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر ، بلى ولكن ألا
أكون عبداًً شكورا ، تلك كلماته وتلك
أحاسيسه ، في ذلك الليل يتذكر أمته
ويسكب عليها الدموع وتتطاير من قلبه
شرر من شجنه ، يبكي ( أمتي ، أمتي )
، دموع غالية وقلب مفعم بالمحبة ،
هكذا عرفناك وهكذا تذرف العيون في
ذكرى فراقك.
علمتنا أن نحب قبل أن نرى على الوجود من نحب ، أحببتنا
وما لقيتنا
فأحببناك وشكونا إلى الله ألم فراقك ، أترانا نلتقي يوماً
عند حوضك ونشرب
من كأس تُقدمه يداك ، تلك أمنية تحيا بها نفوسنا لكنك
علمتنا أن المرء
يحشر مع من أحب ، ونحن نرجو من الله أن نُحشر معاك يا
حُبنا الخالد.
تمضي عليك الأيام والليالي ونفسك تتوق إلى عقب يخلفك ،
يموت أبناءك
فيتطاول عليك الكفار وينادونك بالأبتر ، ويدافع عنك الخالق
سبحانه قائلاً
( إنّ شانئك هو الأبتر (.
عرفناك زوجاً محباً ،
ورفيقاً مخلصاً ، فكيف تراك تكون وأنت اليوم أب
ووالد ، يولد لك الولد
وتسميه ابراهيم ، لعل نفسك تذكرت أبيك ابراهيم
الخليل وتقت إلى أن يكون
لابنك عقب بعدد عقب ابراهيم ، ها هي الابتسامة
تعلوك ، أي وجه تعلو
الابتسامة كوجهك الشريف ؟
مضى من العمر طويلاً ، وكبر السن وولد
صغير يعني شباب جديد لرجل مفعم
بشباب الروح ، لكن الاختبار الجسيم لا
يكتمل يا محمد في هذه النهاية ، إنّ
الله عز وجل الحكيم كتب في كتابه
أمراً غير ذلك.
مات ابراهيم ، مات بكل ما حمله مجيئه من معاني ،
ترقبه وهو في لحظات الموت
وتبكي عليه ، إنّّ العين لتدمع وإنا يا
ابراهيم على فراقك لمحزنون.
أترى ابراهيم يموت في داخلك ، كيف يموت ؟
وما ماتت خديجة في داخلك رغم الأيام والسنين
أترى الحب الذي في
داخلك يقف حائراً مع من يحب ومن يذكر ، إنّ حبك امتد لأمتك فكيف يقف اليوم
باب ابنك الذي هو قطعة منك.
تحزن ويحق لك أن تحزن ، لأنّ الذي لا
يحزن على فراق ابنه ما عرف للحياة
حباً وللرحمة معناً في قلبه ، لكن حبك
لا ينسيك أنّك مبلغ عن الله وأنّ
أمانة الرسالة أعظم الأمانات.
حينما
ينادي المنادي أن الشمس انكسفت لموت ابنك ، تقف بكل قوة وصلابة
لتقول (
إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا تنكسفان لموت أحد أو
حياته).